صاحب الغبطة يوسف

رسائل من غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث بمناسبة عام القديس بولس 2008-2009

٢٩ ٦ ٢٠٠٨


 

رسالة غبطة البطريرك غريغوريوس الثّالث
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والاسكندريَّة وأورشليم
للرُّوم المَلَكيِّين الكاثوليك
بمناسبة ختام عام القدِّيس بولس
29 حزيران 2009م
"أستودِعُكُم اللَّه وكلمة نعمته"
(أعمال الرُّسل 32:20)
معاونو بولس
من غريغوريوس عبدِ يسوعَ المسيح
برحمة الله تعالى
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق
والإسكندريّة وأورشليم

 

إلى السّادة المطارنة، أعضاء المجمع المقدَّس الموقّرين
وسائر أبنائنا وبناتنا بالمسيح يسوع، إكليروساً وشعباً
المدعوّين ليكونوا قدّيسين، مع جميع الذين يدعون باسم ربِّنا يسوع المسيح، ربِّهم وربِّنا
نعمةٌ لكم وسلامٌ من الله أبينا، والرَّبِّ يسوع المسيح (اكور: 1_3).

"أستودِعُكُم اللَّه وكلمة نعمته"
(أعمال الرُّسل 32:20)
معاونو بولس
"أستودِعُكُم الله وكلمة نعمته"
معاونو بولس

 

أستودعكم! بولس الرَّسول في ختام اليوبيل الألفي الثَّاني لميلاده، والعام المكرَّس للتعرُّف عليه وإكرامه، لا يودِّعنا، لأنَّه حاضرٌ معنا ونسمع صوته في كلِّ ليترجيّا، وبخاصَّة يوم الأحد.
أستودعكم! بولس لا يودِّعُنا! إنَّهُ يشكرنا على إكرامنا له في هذا العام. ويستودعنا رسالته وإنجيله، وكلمة نعمة الله! حتَّى لا يكون إيماننا سطحيًّا وباطلاً! وحتَّى لا يكون هذا اليوبيل الكبير بلا ثمر في كنيستنا.
ما يقوله بولس لمعاونيه ولمؤمني الجماعة المسيحيّة الأولى أنقله إليكم يا أبناء وبنات كنيسة الرُّوم المَلَكيِّين الكاثوليك، وإلى جميع الذين يقرأون هذه الرِّسالة والذين احتفلوا بعام القدِّيس بولس وأكرموا ذكراه، وتأمَّلوا في رسائله وقدَّموها للشعب، ووعظوا عنها. وأخصُّ منهم إخوتي المطارنة والكهنة والرُّهبان والرَّاهبات ومعلِّمي ومعلِّمات التعليم المسيحي ومرشدي ومرشدات الأخويَّات وفرق الشَّباب الذين أحيَوا هذا العام بمحبَّة، وجدَّدوا إيمانهم وإيمان الشَّعب المحبوب من الله، وقاموا بالحجّ الرُّوحي إلى دمشق، وإلى الأماكن التي تحيي ذكرى بولس.

 

عام بولس
عام بولس أراده قداسة البابا احتفالاً يُنعشُ إيماننا. ولكن هذا الاحتفال هو حدثٌ بذاته. وقد احتفلنا به من دمشق بطريقةٍ جميلة. وأحبُّ أن أضع بين معاوني بولس كلّ الذين _ بخاصَّةٍ في سوريا _ ساهموا في إحياء هذا اليوبيل. وبينهم سيادة الرَّئيس بشار الأسد ووزراءُه، وكلّ اللِّجان في كلِّ مكان، التي نشطت في عام بولس، ولهم جميعًا بركة بولس ومحبَّته.
اليوبيل نقطة انطلاق لبولس ورسالته في الألفيّة الثالثة! وهو يُسلِّمنا رسائله ذخرًا، ويريد أن نكون من عِداد المعاونين له في حمل رسالة الإنجيل، على مثال أولئك المعاونين الذين كانوا إلى جانبه... نريد أن نكون كلّنا أو نخبة جيّدة من صفوفنا ممَّن يستحقّون أن يُطلِقَ عليهم بولسُ الأسماء الجميلة التي يطلقها على معاونيه...
في هذه الرِّسالة الرَّابعة عن بولس في عام يوبيله الألفي الثَّاني، سنكتشف بولس الرَّسول العظيم الذي يُشرِك المؤمنين الجدد من اليهود ومن الوثنية برسالة الإنجيل. وبالرُّغم من أنَّه يُسمِّي ذاته رسولاً مدعوًّا من السَّيِّد المسيح نفسه، إلاّ أنَّه يدعو المؤمنين الجدد للعمل معه وإلى جانبه وبتوجيهاته.
وهذا ما سنراه في سفر أعمال الرُّسل الذي يروي حياة بولس بتفصيل، وفي رسائله.

 

معاونو بولس في أعمال الرُّسل
المسيحيُّون الأوَّلون الدِّمشقيُّون يُنقذون بولس من الموت ويُهرِّبونه من على سور المدينة من باب كيسان من يد الملك الحارث الرَّابع النبطيّ والي المدينة (أعمال الرُّسل 9: 25). وفي أنطاكية يجتمع بولس وبرنابا. وبرنابا وبولس يجمعان الهِبات للمؤمنين الجدد في القدس (أعمال الرُّسل 11: 30). وسيبقى برنابا إلى جانب بولس في الكثير من جولاته الرَّسوليّة. ومعًا أسَّسا الجماعات المسيحيّة الأولى، "وانتخبا أساقفة في كلِّ كنيسة" (أعمال الرُّسل 14: 23). بين المعاونين الأوَّلين نجد اسمَين يهوذا وسيلا (أعمال الرُّسل 15: 27). بعد مدَّة افترق بولس وبرنابا، وتركه هذا الأخير. وظهر على الأثر رفيق لبولس وهو الرَّسول سيلا (أعمال الرُّسل 15: 40). وعلى الأثر ظهر في دربه ولستره رجلٌ اسمه تيموثاوس (أعمال الرُّسل 16: 1-3).
وفي مدينة فيلبِّي تستضيف بولس وتيموثاوس بائعة الأرجوان ليديا، "التي فتح الرَّبُّ قلبها لتُصغي إلى ما كان يقول بولس. فلمَّا اعتمدت هي وأهلُ بيتها طلبت قائلة: إن كنتم قد حكمتم أنِّي مؤمنة بالرَّبّ، فادخلوا بيتي وامكثوا. فألزمتنا" (أعمال الرُّسل 16: 14-15 و40).
وفي كورنثوس تعرَّف بولس على أكيلا وزوجته بريسكيلاّ، "فذهب إليهما. وكان من أهل صناعتهما، صناعة الخيَم. فأقام يعمل عندهما" (أعمال الرُّسل 18: 1-3). "ومن هناك انتقل وجاء إلى بيت رجلٍ اسمه طيطس يوستس كان متعبِّدًا لله، وكان بيته ملاصقًا للمجمع" (أعمال الرُّسل 18: 7). "وأقام سنةً وستة أشهر، يُعلِّم بينهم بكلمة الرَّبّ" (أعمال الرُّسل 18: 11).
"أمَّا أكيلا وبريسكيلاّ فقد رافقا بولس في رحلته إلى أفسس" (أعمال الرُّسل 18: 18). وبقيا هناك "وهما يشرحان طريق الرَّبّ بأكثر تدقيقٍ لأبولُّس الرَّجل الفصيح المقتدر في الكتب" (أعمال الرُّسل 18: 24 و26). "وساعد أبولُّس كثيرًا بالنَّعمة الذين آمنوا" (أعمال الرُّسل 18: 27).
وفي أفسس كان يعظ في مدرسةِ إنسانٍ اسمه تيرانس على مدى سنتَين (أعمال الرُّسل 19: 9-10). "وكان في خدمته إثنان من التَّلاميذ وهما تيموثاوس وأرسطوس، فأرسلهما إلى مكدونية للكرازة" (أعمال الرُّسل 19: 22). "وكان لبولس رفيقان آخران في سفره وهما غايوس وأرسترخوس المكدونيان" (أعمال الرُّسل 19: 29).
والمُلاحظ أنَّ أكثر المرافقين لبولس، والعاملين معه أحصتهم الكنيسة في عِداد الرُّسل أو التَّلاميذ والقدِّيسين. (راجع لوائح القدِّيسين في كتاب الصَّلوات الطَّقسيّة _ المجلَّد الرَّابع. وفي السِّنكسار الشَّرقي والغربي).
وفي رحلة بولس إلى آسيا "رافقه سوباتروس البيري. ومن تسالونيكي أرسترخوس وسكوندوس وغايوس الدربي وتيموثاوس. ومن أهل آسيا تيخيكوس وتروفيموس" (أعمال الرُّسل 20: 4).
ومن ميليتُس يستدعي بولس من أفسس أساقفة كنيستها الجديدة، ويودّعهم في خطاب مؤثِّر جدًّا (أعمال الرُّسل 20: 17 والخطاب: 18-36). وقد جاء فيها: "والآن أعلمُ أنَّكم لن ترَوا وجهي أيضًا أنتم جميعًا الذين مررتُ بينكم كارزًا بملكوت الله" (أعمال الرُّسل 20: 25). ويُتابع: "إحذَروا لأنفسكم ولجميع الرَّعيّة التي أقامكم الرُّوح القدس فيها أساقفة لترعَوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه" (أعمال الرُّسل 20: 28). ويُتابع: "لذلك اسهروا متذكِّرين أنِّي ثلاث سنين ليلاً ونهارًا لم أفتُر عن أن أنذر بدموعِ كلِّ واحد. والآن أستودعكم يا إخوتي لله وكلمة نعمته القادرة أن تبنيكم وتعطيكم ميراثًا مع جميع القدِّيسين" (أعمال الرُّسل 20: 31-32). وأخيرًا: "قال هذا وجثا على ركبتَيه مع جميعهم وصلَّى. وكان بكاءٌ عظيمٌ من الجميع، ووقعوا على عنق بولس يُقبِّلونه. متوجِّعين لا سيما من الكلمة التي قالها أنَّهم لن يرَوا وجهه أيضًا. ثمَّ شيَّعوه إلى السَّفينة" (أعمال الرُّسل 20: 36-38).
ويذكر سفر أعمال الرُّسل مشهدًا آخر من الصَّداقة الرُّوحيّة الحميمة لدى اجتياز بولس ورفاقه في صور: "وأقبلنا إلى صور لأنَّ هناك كانت السَّفينة تضع وَسَقها. وإذ وجدنا التَّلاميذ مكثنا هناك سبعة أيَّام..." (أعمال الرُّسل 21: 3-4). "ولكن لمَّا استكملنا الأيَّام خرجنا ذاهبين وهم جميعًا يشيّعوننا مع النِّساء والأولاد إلى خارج المدينة، فجثونا على ركَبنا على الشَّاطئ وصلَّينا. ولمَّا ودَّعنا بعضنا بعضًا صعدنا إلى السَّفينة. وأمَّا هم فرجعوا إلى خاصَّتهم" (أعمال الرُّسل 21: 5-6).
وفي بتولماييس (أو عكَّا الحاليّة وهي مركز أبرشيّة عكَّا والجليل في فلسطين) لقاء لبولس "مع الإخوة الذين مكث عندهم مع رفاقه يومًا واحدًا" (أعمال الرُّسل 21: 7). وفي قيصريّة معاون لبولس ورفاقه: "ثمَّ خرجنا في الغد نحن رفقاء بولس، وجئنا إلى قيصريّة، فدخلنا بيت فيلبُّس المبشِّر الذي كان واحدًا من السَّبعة، وأقمنا عنده. وكان لهذا أربع بناتٍ عذارى كنَّ يتنبَّأنَ" (أعمال الرُّسل 21: 8-9). وفي قيصريّة "ينزل بولس ورفاقه عند تلميذٍ قديمٍ اسمه مناسون" (أعمال الرُّسل 21: 16).
وفي حياة بولس يظهر واحد فقط من أقاربه، ولا يذكر اسمه. وهو ابن أخت بولس الذي أنقذه من أيدي اليهود في أورشليم (أعمال الرُّسل 23: 16-21).
وفي سفره إلى روما ليُحاكَم أمام قيصر يصطحب بولس معه أرسترخوس، ويلتقي أصدقاءَهُ في صيدا، ويحصل على عونٍ منهم. (أعمال الرُّسل 27: 3). وفي روما يستقبله الإخوة على مدخل المدينة، مما شجَّع بولس في محنته الأخيرة.


 

معاونو بولس من خلال رسائله


الرِّسالة إلى أهل روما
في الرِّسالة إلى أهل روما يتوجَّه بولس "إلى جميع الموجودين في روما أحبَّاءِ الله المدعوِّين قدِّيسين. نعمةٌ لكم وسلامٌ من الله أبينا والرَّبِّ يسوع المسيح" (روما 1: 7)، ويُعبِّر عن شوقه إليهم "لأنِّي مشتاقٌ أن أراكم لكي أمنحكم هبةً روحيّة لثباتكم. أي لنتعزَّى بينكم بالإيمان المشترك بيننا جميعًا، إيمانكم وإيماني" (روما 1: 11-12). وهنا تبدو صداقة بولس بدرجة أولى صداقة الإيمان المشترك، المعبَّر عنها بعواطف بشريّة سامية.
وفي الرِّسالة إلى روما يُشير إلى "لجنة" من أهل مكدونية جمعوا مالاً لكي يوزَّع على فقراء القدِّيسين الذين في أورشليم (روما 15: 26-27).
وفي الفصل السَّادس عشر والأخير من الرِّسالة إلى روما "مسبحة" طويلة من السَّلامات والتَّوصيات بمجموعة محبَّبة إلى بولس من المعاونين، الذين يطلق عليهم الألقاب الجميلة التي سترِدُ في النَّصّ مع إشارة خاصَّة بهذه الألقاب.
"أوصيكم بفيبي أختنا، خادمة الكنيسة التي في كنخريّة، لكي تقبلوها في الرَّبّ على ما يليق بالقدِّيسين، وتقوموا لها بكلّ ما تحتاج إليه منكم، لأنَّها قد قامت بشؤونٍ كثيرة، وبشأني أنا أيضًا.
"سلِّموا على بريسكيلا وأكيلا، المعاونين لي في يسوع المسيح، اللَّذَين وضَعا عنُقَهُما دون حياتي، ولستُ أنا وحدي أشكرهما، بل جميع كنائس الأمم أيضًا، سلِّموا أيضًا على الكنيسة التي تجتمع في بيتهما. سلِّموا على أبينِتُس حبيبي، الذي هو باكورة آسية للمسيح، سلِّموا على مريم التي تعبت كثيرًا من أجلكم، سلِّموا على أندرونيكس ويونيّا، نسيبيَّ ورفيقيَّ في الأسر، المشهورَين في الرُّسل، المسيحيَّين قبلي. سلِّموا على أمبلياتُس، حبيبي في الرَّبّ، سلِّموا على أوربانُس، معاوننا في المسيح، وعلى إسطاخِس حبيبي. سلِّموا على أبِلِّيس المُزكَّى في المسيح. سلِّموا على أهل بيت أرِسطوبولس. سلِّموا على هيرديون نسيبي. سلِّموا على أهل بيت نَرقسُّس. الذين هم في الرَّبّ. سلِّموا على ترفينة وتريفوسة، اللَّتَين تتعبان في الرَّبّ. سلِّموا على برسيس المحبوبة التي تعبت كثيرًا في الرَّبّ، سلِّموا على روفُس، المختار في الرَّبّ، وعلى أمِّه، التي هي أمِّي أيضًا. سلِّموا على أسِنكريتُس وفلاغون وهِرماس وبَتروباس وهِرميس، وعلى الإخوة الذين معهم. سلِّموا على فيلولوغس ويولية، ونيريوس وأخته، وعلى أولُمباس، وعلى جميع القدِّيسين الذين معهم. سلِّموا بعضكم على بعض بقُبلةٍ مقدَّسة. تُسلِّمُ عليكم جميعُ كنائس المسيح" (روما 16: 1-16).
ثمَّ ينقل إليهم سلامات معاونيه الذين معه: "يُسلِّمُ عليكم تيموثاوس معاوني، ولوقيوس وياسون وسوسيبترُس أنسبائي. وأنا تَرسيوس، كاتب هذه الرِّسالة، أُسلِّمُ عليكم في الرَّبّ. يُسلِّمُ عليكم غايوس، المُضيفُ لي وللكنيسة كلِّها. يُسلِّمُ عليكم أرستُس، خازنُ المدينة، وكورتُس الأخ..." (روما 16: 21-24). ووردت هذه الملاحظة في آخر هذه الرِّسالة: "كتبتْ إلى أهل رومة من كورنثُس على يد فيبي خادمة كنيسة كنخريّة".

 

الرِّسالة الأولى إلى أهل كورنثُس
وتبدأ الرِّسالة الأولى إلى أهل كورنثوس بتحيَّة يقترن اسم بولس الرَّسول العظيم باسم تلميذ لا نعرف عنه إلاّ الاسم: "بولس المدعو رسولاً ليسوع المسيح بمشيئة الله وسوستانيس الأخ، إلى كنيسة الله التي في كورنثوس" (1كورنثوس 1: 1-2).
ولاحقًا تَرِد أسماء أشخاص عمَّدهم بولس بنفسه وهما "كريسبوس وغايس"، وأيضًا "بيت استفانوس" (1كورنثوس 1: 14 و16).
ويعود ذكر برنابا مجدَّدًا (6:9). وهناك مجموعة من المعاونين: "تيموثاوس لأنَّه يعمل عمل الرَّبّ كما أنا أيضًا" (10:16)، "وأبلُّوس" (12:16)، "وبيت استفانوس الذين هم باكورة أخائية، وقد رتَّبوا أنفسهم لخدمة القدِّيسين، كي تخضعوا أنتم أيضًا لمثل هؤلاء، وكلّ من يعمل معهم ويتعب" (16: 15-16). ويتابع: "ثمَّ إنِّي أفرح بمجيء استفانوس وفورتوناتوس وأخائيكوس. لأنَّ نقصانكم هؤلاء قد جبروه. إذ أراحوا روحي وروحكم. فاعرفوا مثل هؤلاء" (1كورنثوس 16: 17-18). ويتابع: "تُسلِّمُ عليكم كنائس آسيا. يُسلِّمُ عليكم في الرَّبّ كثيرًا أكيلا وبريسكيلاّ مع الكنيسة التي في بيتهما. يُسلِّمُ عليكم الأخوة أجمعون. سلِّموا بعضكم على بعض بقُبلةٍ مقدَّسة. السَّلامُ بيدي أنا بولس" (1كورنثوس 16: 19-21). ويُنهي رسالته بهذه التَّحيّة الرَّقيقة: "محبَّتي معكم أجمعين في المسيح يسوع" (1كورنثوس 16: 24).

 

الرِّسالة الثَّانية إلى أهل كورنثُس
مطلع الرِّسالة الثّانية إلى كورنثُس، يُشير إلى التَّعاون الوثيق بين بولس وتيموثاوس: "من بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة الله وتيموثاوس الأخ" (2كورنثوس 1:1). ولاحقًا نقرأ: "لأنَّ ابن الله يسوع المسيح الذي كرز به بينكم بواسطتنا أنا وسلوانس وتيموثاوس" (2كورنثوس 19:1). ويذكر لاحقًا "تيطُس ويُسمِّيه أخي" (2كورنثوس 13:2).
وفي الفصل الثَّامن إشارتٌ واضحة إلى مجموعة من كنيسة كورنثُس، هي على الأغلب لجنة لجمع المساعدات للمسيحيِّين في القدس، حيث يقول: "ثمَّ إنَّا نُعلِمُكُم أيُّها الإخوة بالنِّعمة التي منَّ بها الله على كنائس مكدونية... لأنَّهم أعطَوا من تلقاء أنفسهم على قدرِ طاقتهم، بل فوق الطَّاقة" (2كورنثوس 8: 1 و3). وفي كورنثُس لجنة مماثلة يقول عنها بولس: "أنتم الذين سبقتم فابتدأتم منذ العام الماضي ليس أن تفعلوا فقط بل أن تُريدوا أيضًا. ولكن الآن أتمُّوا العمل أيضًا حتّى إنَّه كما أنَّ النَّشاط للإرادة، كذلك يكون التتميم أيضًا حسب ما لكم" (2كورنثوس 8: 10-11) ويبدو أنَّ رئيس هذه اللَّجنة ومنسِّق العمل لجمع التَّقادم لمؤمني القدس هو تيطُس (2كورنثوس 8: 16 و23). 
ويأتي ذكره مع اثنين معاونين ممَّا يظهر بوضوح أنَّ هناك لجانًا تعمل في حضور بولس وغيابه. كان بولس يهتمّ بنشر الإنجيل، ولكنَّه يهتمّ أيضًا بالمساعدات المادِّيَّة لفقراء القدس. "فشكرًا لله الذي جعل في قلب تيطُس نفس الغَيرة عليكم. فإنَّه أجاب إلى طلبي، بل مضى إليكم بأشدّ ما تكون الغَيرة، ومن تلقاء نفسه، وقد بعثنا معه الأخ(1) الذي تُثني عليه جميع الكنائس في أمر الإنجيل. وفضلاً عن ذلك، فإنَّ الكنائس قد اختارته أيضًا رفيقًا لنا في السَّفر من أجل هذا العمل الخيريّ، الذي نخدمه لمجد الرَّبّ، وإبداء نشاطنا. وإنَّما نحتاط، لئلاّ نُعاب من قِبَلِ هذه المبالغ الجسيمة التي أُقِمنا عليها. لأنَّا نعتني بعمل الخير لا أمام الله فقط، بل أمام النَّاس أيضًا. ولقد بعثنا معهما أخانا الذي خَبَرنا غَيرته مِرارًا وفي أمورٍ كثيرة، وهو الآن أشدُّ غَيرةً لثقته العظيمة بكم. أمَّا تيطُس فهو شريكي، ومعاوني عندكم، وأمَّا أخوانا فهما رسولا الكنائس، ومجد المسيح" (2كورنثوس 8: 16-23).
ويُتابع بولس الكلام عن عمل هذه اللِّجان في الفصل التَّاسع: "أمَّا من جهة المَدَد الذي للقدِّيسين فمِنَ الفضول عندي أنْ أكتب إليكم في شأنه، لأنِّي أعرف استعدادكم الطَّيِّب الذي أمتدحه عند المقدونيِّين، بقولي: "إنَّ أخائية مستعدةٌ منذ العام الماضي، وإنَّ غَيرتكم كانت حافزًا للأكثرين". ومع ذلك فقد بعثتُ إليكم الإخوة لئلاّ يُعطَّل افتخارنا بكم، من هذا القبيل، ثمَّ لكي تكونوا، كما قلت، على استعداد، فإذا قدِمَ المقدونيُّون معي، ووجدوكم غير مستعدِّين خَجِلنا نحن- ولا أقول أنتم- في هذا الأمر عينه! فمن ثمَّ، رأيتُ من اللازم أن أطلب من الإخوة أن يسبقونا إليكم، ويُعِدُّوا من قبل مَبرَّتكم الموعود بها، حتَّى تكون معدَّة كمبرَّةٍ حقَّة، لا كتقتيرِ بخيل" (2كورنثوس 9: 1-5).
ويذكر لاحقًا في الفصل الثَّاني عشر أنَّه كان أمينًا في ما يتعلَّقُ بتوزيع التَّقادم، هو ومعاونوه: "أجل، أنا بنفسي لم أُثقِّلْ عليكم، غير أنِّي، كرجلٍ داهية، قد أخذتكم عن طريق المَكر!.. فهل غنِمتُ منكم شيئًا على يدِ أحدٍ ممَّنْ بعثتُ إليكم؟ لقد طلبتُ إلى تيطُس أن يذهب إليكم، وأرسلتُ معه الأخ الذي تعرفون، فهل غنِمَ تيطُس منكم شيئًا؟ ألم نَسِرْ كِلانا بروحٍ واحد، وعلى آثارٍ واحدة؟" (2كورنثوس 9: 16-18).

 

الرِّسالة إلى أهل غلاطية
وفي مطلع الرِّسالة إلى أهل غلاطية يذكر كعادته المعاونين: "بولس رسولٌ لا من النَّاس ولا بإنسان، بل بيسوع المسيح والله الآب الذي أقامه من الأموات. وجميع الإخوة الذين معي إلى كنائس غلاطية" (غلاطية 1: 1-2).

 

الرِّسالة إلى أهل أفسس
وفي الرِّسالة إلى أهل أفسس ذكر لمعاون آخر: "ولكي تعرفوا، أنتم أيضًا أخباري، وما صرتُ إليه، سيُطلعكم على كلِّ شيء تيخيكُس، الأخ الحبيب، والمُعاون الأمين في الرَّبّ، الذي أرسلتُهُ إليكم في هذا الشَّأن، ليوفقكم على أحوالنا ويُعزِّي قلوبكم" (أفسس 6: 21-22).

 

الرِّسالة إلى أهل فيلبِّي
وفي الرِّسالة إلى أهل فيلبِّي إشارةٌ إلى مجموعةٍ من المؤمنين إكليروسًا وعلمانيِّين هم شركاء بولس: "من بولس وتيموثاوس، عبدَي المسيح يسوع، إلى جميع القدِّيسين في المسيح يسوع، الذين في فيلبِّي، وإلى الأساقفة أيضًا والشَّمامسة، نعمةٌ لكم وسلامٌ من الله أبينا، والرَّبّ يسوع المسيح. أشكر إلهي كلَّما ذكرتكم. وإنِّي على الدَّوام، في جميع صلواتي، أتضرَّعُ في سرورٍ لأجلكم جميعًا، من أجل مساهمتكم في الإنجيل، منذ اليوم الأوَّل حتَّى الآن. وإنِّي لواثقٌ بأنَّ الذي ابتدأ فيكم هذا العمل الصَّالح سوف يواصل تتميمه حتَّى يوم المسيح يسوع. كما أنَّ الحقّ يقضي بأن يكون لي مثل هذا الاعتقاد فيكم جميعًا، لأنِّي أحملكم في قلبي، أنتم الذين لهم، في قيودي كما في الدِّفاع عن الإنجيل وتأيِيده، شركةٌ في النِّعمة التي أوتيتها. أجل، والله يشهد لي، إنِّي أحبُّكم جميعًا في أحشاء المسيح يسوع. وصلاتي إليه أن تكون محبَّتكم على نموٍّ صاعد في المعرفة والإدراك التَّامّ، حتَّى يكون في وسعكم أن تُميّزوا القِيَم الحقّة، فتبلغوا، خالصين ولا عِثار فيكم، إلى يوم المسيح، مملوئين من ثمار البِرّ التي في المسيح يسوع، لمجد الله وحمده" (فيلبِّي 1: 1-11).
ويُشير لاحقًا إلى جرأتهم في نشر الكلمة: "وأكثر الإخوة قد استمدُّوا من قيودي ثقةً بالرَّبّ، فازدادوا جُرأةً على إذاعةِ كلمة الله بغير خوف" (فيلبِّي 1: 14).
ويذكر من جديد عمل تيموثاوس وهو مرسَل من قبله، ومعه أبفردِيتُس. ويذكر بولس تفاصيل عن أمورهم وحياتهم وصحَّتهم...: "ولي رجاءٌ في الرَّبِّ يسوع، أن أبعثَ إليكم تيموثاوس عن قريب، لكي أطيبَ نفسًا، أنا أيضًا، بمعرفة أحوالكم. فليس لي نظيره للاهتمام بشؤونكم بنيَّةٍ خالصة. فإنَّ الجميع يلتمسون ما هو لأنفسهم، لا ما هو للمسيح يسوع. أمَّا هو، على ما تعلمون، فرجلٌ مُختبَر، قد خدم معي في الإنجيل خدمة الولد مع أبيه. فرجائي إذن أن أبعثه إليكم، حالَما يتَّضح لي ما يكون من أمري. بل لي ثقةٌ في الرَّبّ بأنِّي، أنا نفسي، سأوافيكم عن قريب. ولقد رأيتُ من اللازم أن أبعث إليكم أبفردِيتُس، الأخ، الذي هو معاوني ورفيقي في التجنُّد، وقد أرسلتموه إليَّ ليَخدُمني في حاجاتي" (فيلبِّي 2: 19-25).
ويُتابع التَّعبير عن أشواقه وأمانيه تجاه معاونيه: "إذن، يا إخوتي الأحبَّاء، الذين إليهم حنيني وهُم سروري وإكليلي، أُثبُتوا على هذا في الرَّبّ، أيُّها الأحبَّاء! أُحرِّضُ أفوذية، وأُناشدُ سِنديخي أن تكونا على رأيٍ واحدٍ في الرَّبّ. وأسألُكَ أنت أيُّها الزَّميل الصَّادق، سِيريغُس، أن تُمِدُّهما، لأنَّهما قد جاهدتا في الإنجيل معي، ومع إكليمنضس وسائر معاونيَّ الذين أسماؤهم في سفر الحياة" (فيلبِّي 4: 1-3).
وفي آخر الرِّسالة إشارةٌ إلى وجود لجنة لمساعدة القدِّيسين ومساعدة بولس: "أمَّا ألآن فعندي كلّ ما يلزم، بل أكثر ممَّا يلزم، إنِّي في سعةٍ منذ تسلَّمتُ هِبتكم على يد أبفرِديتُس، فإنَّها عِطرٌ طيِّبُ العرف، وذبيحةٌ مقبولةٌ لدى الله، مَرضيّة، وسَيملأ إلهي كلّ احتياجاتكم، على حسب غناه في المجد، في المسيح يسوع" (فيلبِّي 4: 18-19).
وتنتهي الرِّسالة بالسَّلامات التي تُشير إلى الإخوة معاوني بولس: "سلِّموا على كلِّ واحدٍ من القدِّيسين، في المسيح يسوع. يُسلِّمُ عليكم الإخوة الذين معي. يُسلِّمُ عليكم جميعُ القدِّيسين، ولا سيِّما الذين هُم من بيتِ قيصر" (فيلبِّي 4: 21-22).

 

الرِّسالة إلى أهل كولوسّي
وفي مطلع الرِّسالة إلى أهل كولوسّي من جديد يرِد ذكر "بولس وتيموثاوس الأخ" (كولوسّي 1:1).
ولاحقًا يرِد ذكر مرسَل موفد من قِبَل بولس: "على حسبِ ما تعلَّمتم من أبِفراس الحبيب، الذي هو رفيقٌ لنا في الخدمة، وخادمٌ أمينٌ للمسيح من أجلكم. وهو الذي أخبرنا بمحبَّتِكم في الرُّوح" (كولوسّي 1: 7-8).
وتنتهي الرِّسالة بذكر موفدين من قِبَل بولس وعاملين معه، مع ألقاب كلِّ واحدٍ، وشهادة بولس فيهم، وتقديره لعملهم: "وأمَّا عن أحوالي كلَّها فسيخبركم تيخيكُس الأخ الحبيب، والمساعد الأمين، ورفيقي في الخدمة في الرَّبّ. فلقد أرسلتهُ إليكم لهذا بعينه، ليُطلعكم على أحوالنا، ويُعزِّي قلوبكم، وأصحبتُه أُونيسيموس الأخ الأمين الحبيب، الذي هو منكم. فهُما يُخبرانكم بجميع ما وقع هنا. يُسلِّمُ عليكم أرِسترخُس، رفيقي في الأسر، ومَرقُس، نسيب بارنابا، الذي أخذتم في حقِّه وصايات، فإذا ما قدِم إليكم، فاقبلوه. ويسوعُ الملقَّب بيوستُس. فهؤلاء وحدهم، من أهل الختان، يُعاونوني في أمر ملكوت الله، وقد كانوا لي تعزية. يُسلِّمُ عليكم أبفراس، مواطنكم. وهذا العبد للمسيح يسوع لا ينفكُّ يُجاهدُ لأجلكم في صلواته، لكي تثبتوا، كاملين على أتمّ يقين، في مشيئة الله كلِّها. أجل، وإنِّي أشهدُ له بأنَّه يتعبُ كثيرًا لأجلكم، ولأجل الذين في اللاذقية، وفي إيرابُليس. يُسلِّمُ عليكم لوقا، الطَّبيبُ الحبيب، وذِيماس. سلِّموا على الإخوة الذين في اللاذقية، وعلى نِمفاس والكنيسة التي تجتمع في بيته. وبعد أن تُتلى هذه الرِّسالة عندكم، إعتنوا بأن تُتلى أيضًا في كنيسة اللاذقيِّين، وأن تتلوا أنتم تلك التي من اللاذقية. وقولوا لأرخبُّس: "تبصَّر في الخدمة التي تسلَّمتها في الرَّبّ حتَّى تُتمَّها جيِّدًا"" (كولوسّي 4: 7-17).
وقد وردت في آخر الرِّسالة هذه الملاحظة: "كتبتِ (الرِّسالة) إلى أهل كولوسِّي من روما بيد تيخيكُس وأونيسيموس".

 

الرِّسالة الأولى إلى أهل تسالونيكي
وفي مطلع الرِّسالة الأولى إلى أهل تسالونيكي ذكر المشاركين بولس في عمله: "بولس وسلوانس وتيموثاوس إلى كنيسة التَّسالونيكيِّين" (1تسالونيكي 1:1).
ويعود ذكر تيموثاوس في الفصل الثالث: "ومن ثمَّ فإذ لم نُطِق التَّقاعد بعد، آثرنا أن نبقى في أثينا وحدنا، وبعثنا تيموثاوس أخانا، وخادم الله في إنجيل المسيح، ليُثبِّتكم ويَعِظكم في إيمانكم" (1تسالونيكي 3: 1-2).
وفي الرِّسالة إشارةٌ إلى لجنة تعمل في تسالونيكي في الأمور المادِّيّة، وفي الإرشاد الرُّوحي. "ونسألكم أيُّها الإخوة، أن تُجلُّوا الذين يتعبون في ما بينكم، ويرئسونكم بالرَّبّ، ويَعِظونكم، وأن تُحبُّوهُم غاية المحبَّة من أجل عملهم. كونوا في سلامٍ بعضكم مع بعض" (1تسالونيكي 5: 12-13).

 

الرِّسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي
والرِّسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي تُشير إلى الثلاثة المذكورين في مطلع الرِّسالة الأولى.

 

الرِّسالة الأولى إلى تيموثاوس
الرِّسالة الأولى إلى التِّلميذ تيموثاوس فيها مجموعةٌ من التَّوصيات والتَّوجيهات. فهو يثق به ويُسلِّمه مهمَّاتٍ مختلفة لخدمة الرَّعيّة بكلِّ فئاتها وشرائحها. فهو "الابن الحقيقي في الإيمان" (1تيموثاوس 1:1).

 

الرِّسالة الثانية إلى تيموثاوس
وفي الرِّسالة الثانية إلى تيموثاوس: يُثني بولس على إيمان تيموثاوس، والذي ورثه من جدّته ومن أمّه (2 تيموثاوس 1: 3-5) ويُعبِّر عن شوقه إليه وذكره له في صلواته حتَّى بالدُّموع!
ويذكر لاحقًا بشكرٍ عميقٍ أونيسيفورس: "أمَّا أونيسيفورس فرحمة الله على بيته، لأنَّه كثيرًا ما فرَّجَ عنّي ولم يخجل من قيودي، ولمَّا صار في رومة جَدَّ في طلبي فوَجَدني، فليُنعم عليه الرَّبّ بأن يُصيب رحمةً لدى الرَّبّ في ذلك اليوم، وأنت أدرى منّي بكلِّ ما خدمني به في أفسس" (2تيموثاوس 1: 16-18).
ويطلب من تيموثاوس أن يُنظِّم لجانًا لمتابعة العمل: "فأنت إذن يا ابني، تشدَّد في النِّعمة التي في المسيح يسوع. وما سمعته منّي لدى شهودٍ كثيرين، إستودعه أنت أيضًا أناسًا أُمناء، كُفاةً لأن يُعلِّموا الآخرين" (2تيموثاوس 2: 1-2).
ويذكر في الفصل الرَّابع المعاونين واصفًا أحوالهم وموجِّهًا إليهم توجيهاته: "إجتهد أن تَقدَمَ إليَّ عاجلاً، فإنَّ ديماس قد تركني لحبِّه الدَّهر الحاضر، وانطلق إلى تسالونيكي، وكِرِسكيس انطلق إلى غلاطية، وتيطُس إلى دلماتية، ومعي لوقا وحده. فاستصحبْ مرقس وأقدَمْ به، فإنَّه ينفعني للخدمة. أمَّا تيخيكس فقد بعثته إلى أفسس. أحضر معك عند مجيئك الرِّداء الذي تركته في تُرواس عند كربُس، وكذلك الكتب ولا سيّما صحُف الرَّق. إنَّ الاسكندر النحَّاس قد باداني بشرورٍ كثيرة، جازاه الرَّبّ بحسب أعماله. فتحفَّظ منه أنت أيضًا، فإنَّه قاوم أقوالنا جدَّ المقاومة" (2تيموثاوس 4: 9-15).
"سلِّم على بِرِسكة وأكيلا، وعلى أهل بيت أُونيسيفورس. أرستُس بَقي في كورنثُس، أمَّا تروفيمُس فقد تركته مريضًا في ميليتُس. إجتهد أن تجيء قبل الشِّتاء. يُسلِّم عليك إفبولس وبوذيس ولينُس وكلوذية والإخوة أجمعون. الرَّبُّ مع روحك! النِّعمة معكم" (2تيموثاوس 4: 19-22).

 

الرِّسالة إلى تيطُس
وفي الرِّسالة إلى تيطُس يتوجَّه إليه قائلاً: "من بولس عبد الله ورسول يسوع المسيح... إلى تيطُس الابن الحقيقي في الإيمان المشترك" (تيطُس 1: 1 و4).
ويذكر في الختام معاونين: "ومتى أرسلتُ إليك أرتماس أو تيخيكُس، بادر في المجيء إلى نِكوبولس، لأنِّي قد عوَّلتُ أن أشتوَ هناك. أمَّا زيناس، معلِّم الشَّرع، وأبلُّس فجهِّزهما باعتناء للسَّفر، لكي لا يعوزهما شيء. وليتعلَّم ذوُونا أيضًا أن يقوموا بالأعمال الصَّالحة ليسدُّوا الحاجات الماسَّة، فلا يكونوا بغير ثمر. يُسلِّمُ عليك جميع الذين معي. سلِّم على الذين يُحبُّوننا في الإيمان. النِّعمةُ معكم أجمعين" (تيطُس 3: 12-15).

 

الرِّسالة إلى فيلمون
وفي الرِّسالة إلى فيلمون مجموعة من أسماء المعاونين: "من بولس، أسيرِ المسيح يسوع، ومن تيموثاوس الأخ، إلى فيلمون حبيبنا ومعاوننا، وإلى أبِفية الأخت، وأرخبُّس رفيقنا في التجنُّد، وإلى الكنيسة التي تجتمع في بيتك، نعمةٌ لكم وسلامٌ من الله أبينا، والرَّبِّ يسوع المسيح. إنِّي على الدَّوام، أشكر لإلهي وأذكرك في صلواتي، لسماعي بما أنت عليه من محبَّةٍ وإيمانٍ تجاه الرَّبِّ يسوع، وجميع القدِّيسين. عسى هذا الإيمان، الذي أنت مشتركٌ فيه، أن يكون فعَّالاً، ويُريك كلَّ ما في وسعنا أن نعمل من الخير لأجل المسيح! ولقد أصبتُ في الواقع، فرحًا جزيلاً وعزاءً جمًّا من محبَّتك، لأنَّ أحشاء القدِّيسين قد استراحت بك، أيُّها الأخ. فلذلك، وإن يكن لي، في المسيح، أن آمرَكَ بالواجب، في كثيرٍ من الجرأة، فقد آثرتُ أن أتضرَّع إليك باسم المحبَّة. فأنا بولس، بولس الشَّيخ، وفوق ذلك أسيرَ المسيح يسوع حالاً" (فيلمون 1: 1-9).
ويوصي بأونيسيموس: "أستعطِفُكَ لأجل ولدي الذي ولدته في القيود، أُونيسيموس. الذي لم يُجدِكَ، من قبلُ، نَفعًا، ولكنَّه من الآن سيكون لك، كما صار لي، نافعًا جدًّا. فأنا أردُّهُ إليك، هوَ، بل أحشائي بعينها. وكنتُ أودُّ أن أحتفظ به عندي ليخدُمَني عنك، في قيودي التي من أجل الإنجيل. فإن كنتَ إذن تعتدُّني على اتحادٍ صميمٍ بكَ فاقبله قبولَكَ لي أنا نفسي" (فيلمون 1: 10-13 و17)
ويذكر في الختام معاونين عاملين معه: "وإلى ذلك أعِدَّ لي منزلاً، فإنَّ لي رجاء أنِّي سأُرَدُّ إليكم بصلواتكم. يُسلِّمُ عليكَ إبَفراس، الأسيرُ معي، في المسيح يسوع، ومَرقُس وأرِسترخُس وذيماس ولوقا معاونيّ. نعمة الرَّبِّ يسوع المسيح مع روحكم!" (فيلمون 1: 22-25)
في ختام الرِّسالة وردت هذه الملاحظة: "كتبتْ من روما على يد أُونيسيموس الخادم".

 

 

الرِّسالة إلى العبرانيِّين
وفي ختام الرِّسالة إلى العبرانيِّين يذكر خبر إطلاق سراح تيموثاوس ويُشير إلى لجان تعمل لأجل "عمل الخير والتَّوزيع" (عبرانيُّون 13: 7) وإلى المرشدين (عبرانيُّون 13: 17 و24).
وردت الملاحظة في آخر الرِّسالة إلى العبرانيِّين: "كتبتْ من إيطاليا على يد تيموثاوس".

 

ألقاب ومهام المعاونين
يطلق بولس على معاونيه ألقابًا جميلة بعباراتٍ رقيقة وعاطفيّة وجدانيّة! ولكنَّه لا يوفِّرهم، ويُسلِّم إليهم مهامّ دقيقة، ويُعطيهم التَّوجيهات المناسبة ويُلاحقهم، لا بل يَظهرُ شديدًا ومُتطلِّبًا تجاههم.
ففي رسائله المعاونون هم إخوة، أخ وأخت وشركاء في الخدمة وقدِّيسون، وحبيب وحبيبة ومحبوبة وباكورة وأنسباء والمزكَّين بالمسيح والمختارون (خصوصًا في الرِّسالة إلى روما 16: 1-16). ومضيفون وكتَّاب الرَّسائل ومشاركون في الإنجيل، وشركاء في النِّعمة وهم سروره وإكليله، ومرسلون مفوَّضون من قِبَله، والخدَّام الأمناء، والعبيد مع بولس، ومجاهدون في سبيل الإنجيل، وعاملون لأجل نشر الملكوت، غَيورون في الخدمة، وفي لجان الإرشاد...
أمَّا المهام الملقاة على عاتق المعاونين فهي رسوليّة وروحيّة ومادِّيَّة وترشيديّة وتأسيسيّة وتنظيميّة... منهم من يقومون بواجب الضِّيافة له ولرفاقه، ومنهم من يسكن في بيته وإلى مُدَدٍ مختلفة، ومنهم من يستعمل مدرسته، ومنهم الوعَّاظ وشرَّاح الطريق الجديد المستند على تعاليم الإنجيل، ومنهم من يقومون بواجب التَّمثيل وقيادة المجموعات الجديدة النَّاشئة، ويترأسون الصَّلوات اللِّيترجيّة، ويرسمون الكهنة والأساقفة، ومنسِّقو اللِّجان لجمع الأموال والمساعدات لمؤمني القدس، ولأجل توزيعها... ومنهم من يحمل الرَّسائل والنَّشرات والأخبار السَّارَّة أو سِواها عن حياة الكنيسة... ومنهم من يُطلب منه أن يُعزِّي الآخرين، ويُشدِّد الجماعات المتألِّمة، المضَّطهدة...
وهكذا يلجأ بولس إلى كلِّ معاونيه، لا بل إلى كلِّ من أقبل إلى الطَّريق الجديد، أي الإنجيل، ويطلب منهم أن يكونوا معاونين له في حمل الرِّسالة. وهو الذي قال: "الويل لي إن لم أُبشِّر" (1كورنثُس 9: 16). وهو الذي قال لتلميذه تيموثاوس: "بشِّر في وقته وفي غير وقته". وهو أراد أن يكون كلُّ معمَّدٍ مبشِّرًا إلى جانبه، يوجِّه إليه الوصيّة عينها كما لتلميذه تيموثاوس. وهذا ما يشرح وجود هذا العدد الكبير من المعاونين إلى جانبه في كلِّ رحلاته الرَّسوليّة، بحيث لا تخلو رسالة من ذكر المعاونين، ولا تخلو مدينة بشَّر فيها إلاّ وترك فيها معاونين، أو أسَّس لجانًا، مهمَّتها أن تُتابع عمله، أو بالحريّ عمل يسوع، وعمل الإنجيل(2) ...
إنَّه حقًّا لملفتٌ للنَّظر أن نرى هذه المجموعة الكبيرة من المعاونين حول بولس، يوكل إليهم هذا الكمّ المتنوِّع من المهام الرَّسوليّة والأسراريّة والتَّنظيميّة.

 

العلمانيُّون في المجمع الفاتيكاني الثَّاني
وعلى خطى بولس سارت الكنيسة في تاريخها، وأعلنت ذلك في تعاليمها ونرى لذلك صدى في المجمع الفاتيكاني الثَّاني.
الوثيقة عن رسالة العلمانيِّين (1965) تشير إلى معاوني بولس في رسائله. وتعتبر أنَّ رسالة العلمانيِّين في الكنيسة نابعة من دعوتهم المسيحيّة ومن عِمادهم. وتطال قطاعات الحياة بأسرها. وقد سبق القدِّيس بولس أن وصف هذه القطاعات في رسائله كما أشرنا إليه سابقًا.
هذا ما شدَّد عليه المجمع الفاتيكاني الثَّاني. فلم تخلُ وثيقة من وثائق المجمع (وهي 16) إلاّ وكان فيها إشارة إلى أهميّة رسالة العلمانيِّين في الكنيسة، في المجتمع.
نقتطف من وثيقة "رسالة العلمانيِّين" ما يلي: "إنَّ في الكنيسة خدمات متنوِّعة، ولكن الرِّسالة واحدة. فلقد أعطى المسيح رسله وخلفاءهم مهمّة التَّعليم والتَّقديس والحكم باسمه وبسلطانه. غير أنَّ العلمانيِّين، وقد أشركهم المسيح في مهمّته الكهنوتيّة والنّبويّة والملَكيّة، يقومون في الكنيسة وفي العالم بالدَّور الذي يعود لهم في رسالة شعب الله كلِّه، فيمارسون تلك الرِّسالة بنشاطهم في التَّبشير وتقديس النَّاس، ويعملون على بثّ روح الإنجيل في نظم الشؤون الزَّمنيّة...".
"تمارس هذه الرِّسالة بالإيمان والرَّجاء والمحبَّة التي يُفيضها الرُّوح القدس في قلوب أعضاء الكنيسة جميعًا.. بحيث يعبِّر المؤمنون عن روح التَّطويبات في حياتهم" (البند 2).

 

وتقول وثيقة المجمع بالنِّسبة إلى الرِّسالة في العائلة:
"الزَّوجان المسيحيَّان، بتعاونهما مع النِّعمة، يشهدان للإيمان أمام بعضهما البعض وأمام أولادهما وسائر أقاربهما. فهما أوَّل من يُبشِّر أولادهما بالإيمان ويُدرِّبهم عليه: فيربيانهم بالكلمة والمثل لحياةٍ مسيحيّة ورسوليّة ويساعدانهم بحكمةٍ على اختيار دعوتهم ويُعزِّزان فيهم باهتمامٍ كلِّيّ الدَّعوة المقدَّسة (إلى الحياة الكهنوتيّة والرَّهبانيّة) إذا ما اكتشفاها فيهم".
"استلمت العائلة المسيحيّة من الله هذه الرِّسالة. وهي أن تكون أولى خلايا المجتمع الحيّة. وهي تؤدِّي رسالتها إذا ما وفِّقت في أن تجعل من البيت معبدًا كنسيًّا بتقوى أعضائها المتبادل وبالصَّلاة المشتركة التي يرفعونها إلى الله...".
وهكذا يُصبح العلمانيُّون، وخاصَّة في نطاق العائلة المؤمنة، شهودًا للإنجيل وللمسيح... فيصبح كلّ مؤمن رسولاً!
هذه الوثيقة المجمعيّة وسِواها من الوثائق المجمعيّة ومن الرَّسائل البابويّة اللاحقة منها: (laïci 1987) تحتوي على شرعة رسالة العلمانيِّين في الكنيسة، على خطى بولس الرَّسول.
والواقع أنَّ العلمانيِّين المؤمنين هم في تواصل دائم مع العالم، مع المجتمع، مع الواقع اليومي، الاجتماعي والسِّياسي والأخلاقي والاقتصادي والبيئي... هم الذين يضعون موضع العمل رسالة يسوع، قِيَم الإنجيل، ويعيشونها في واقعهم اليومي، في مجتمعهم...
وأشار القانون الكنسي إلى أهميّة رسالة العلمانيِّين: "للعلمانيِّين كرامةٌ ونصيبٌ في رسالة الكنيسة يجبُ على الإكليريكيِّين أن يعترفوا بهما ويعزِّزوهما وعلى الخصوص باختبار مواهب العلمانيِّين المتنوِّعة، وبتوجيه اختصاصهم وخبرتهم إلى خير الكنيسة لا سيَّما بالطَّرائق التي يوردُها الشرع" (القانون 381، بند 3 من مجموعة قوانين الكنائس الشَّرقيّة).
رسالة العلمانيِّين في كنيستنا
نشطت رسالة العلمانيِّين بخاصَّة بعد المجمع الفاتيكاني الثَّاني. وتعدَّدت الحركات الرٌَّسوليّة التي شملت كلّ شرائح الرَّعيّة. فكانت الأخويّات القديمة العهد في كنيستنا ومنها بخاصَّة أخويّات سيّدة البشارة، وقد نشَّطها البطريرك مكسيموس الثَّالث مظلوم والبطريرك غريغوريوس الثَّاني يوسف سيُّور. وتأسَّست أنشطة جديدة للطلاب وللشَّباب الجامعي والعمَّالي، التي أتت من الغرب، وتطعَّمت بالرُّوحانيّة الشَّرقيّة بخاصَّة اللِّيترجيّة. وهي متوفِّرة والحمد لله في أبرشيّاتنا ورعايانا ورهبانيَّاتنا الرِّجاليّة والنِّسائيّة. وهي خلايا روحيّة إيمانيّة حيّة. وهي العمدة في الرَّعيّة وكلّ مشاريعها اللِّيترجيّة والرُّوحيّة والرَّاعويّة والاجتماعيّة والخيريّة. ومن صفوفها وفي أجوائها انتعشت الدَّعوات الكهنوتيّة والرَّهبانيّة. وقد أحصينا منها الكثير في مجمع أبرشيّة دمشق البطريركيّة عام 2003، ومن خلال انعقاد مجمعنا البطريركي الأوَّل عام 2007، وقد بلغت حوالي مائة حركة، طالت شرائح مجتمعنا الكنسي وغطَّت حاجات رعايانا.
لا يسعنا إلاّ أن نشجِّع هذه النَّشاطات والحركات والجمعيَّات في كلّ أبرشيّاتنا ورعايانا. ولنقتدِ بالرَّسول بولس المعلِّم الأكبر في رسالة العلمانيِّين في الكنيسة بدعوة العلمانيِّين في رعايانا إلى الانخراط في العمل الرَّاعوي إلى جانب الكاهن والرَّاهبة والمكرَّس، وبتوجيههم وإرشادهم.
وإنَّه لمن الأهميّة على جانب كبير أن ينشأ من خلال هذه الأنشطة كوادر من العلمانيِّين، ليكونوا حاملين قِيَم الإنجيل إلى مجتمعاتهم. إذ هم حقًّا الخميرة في عجين المجتمع والنُّور والملح.

 

معاونون وشركاء
نتوجَّه إلى الرُّعاة في كنيستنا، مطارنة وكهنة. ولا شكّ أنَّ كلَّ واحدٍ منهم يمكنه أن يكتب أيضًا سفرًا يصف فيه علاقته مع معاونيه في الخدمة الكهنوتيّة والعمل الرَّاعوي.
وإنَّنا لندعوهم إلى المزيد من التواصل مع رعاياهم، مع جميع أبناء الرَّعيّة، ويجمعوا حولهم معاونين غَيورين أمناء متحمِّسين مندفعين، يحملون معهم وإلى جانبهم وتحت إرشادهم، أعباء الرِّسالة وحمل البشارة والتَّنظيم والإدارة ومختلف الخدمات التي تحتاج إليها الخدمة الكهنوتيّة.
دعاؤنا إلى الله بشفاعة بولس الرَّسول، أن تنشأ علاقات مماثلة بين كاهن الرَّعيّة ومعاونيه وجميع أبناء وبنات الرَّعيّة كما اكتشفناها عند بولس وعلى مثاله.
وعلى مثال بولس، على الرَّاعي أن يبقى راعيًا ومرشدًا وقائدًا ومهذِّبًا وموجِّهًا... وأيضًا أخًا وصديقًا وأبًا وأمًّا ومحبًّا ومحبوبًا... ساهرًا يقظًا... قريبًا... ولكن ليُحافظ على المسافة اللازمة التي تمكِّنه من متابعة رسالته الرُّوحيّة والرَّاعويّة والإرشاديّة. فيتَّكِل على العلمانيِّين، ويكِل إليهم مهام متنوِّعة... ولكنَّه يبقى الموجِّه والمرشد والمعلِّم والمصحِّح للمسار والمرافق والسَّاهر... يحمل فكر المسيح وتعاليمه ومحبَّته إلى أبناء وبنات رعيَّته، وبخاصَّة إلى معاونيه الذين هم له شركاء كما نقول في ليترجيا القدَّاس الإلهي في الخطاب بين الكاهن والشَّمَّاس: "صلِّ لأجلي يا أخي وشريكي في الخدمة"، ويُجيب الكاهن في ختام الحوار: "هذا الرُّوح عينه يؤازرنا في الخدمة جميع أيَّام حياتنا..."
ولتكن العلاقة مستوحاة أيضًا من التَّحيّة اللِّيترجيّة التي يتبادلها المحتفلون فيما بينهم والمؤمنون فيما بينهم، إذ نعلن قائلين: "المسيح بيننا... إنَّه باقٍ وسيبقى... أو كائن وسيكون...".
ونصلِّي أيضًا لأجل شعبنا: "لنذكر سيِّدتنا الفائقة القداسة وجميع القدِّيسين، ولنودِعِ المسيح الإله ذواتنا، وبعضنا بعضًا، وحياتنا كلَّها".
يُعطي بولس توجيهات بهذا الشَّأن في رسالتَيه الأولى والثَّانية إلى تلميذه ومعاونه تيموثاوس، وإلى تلميذه تيطُس. كما يُعطي بولس إرشادات للتَّعامل مع المؤمنين وبخاصَّة المعاونين في العمل الرَّاعوي إلى تلميذه تيطُس. لا مجال لذكرها هنا.

 


نداء
إنَّنا نتوجَّه إلى أبنائنا وبناتنا في كلّ أبرشيّاتنا ورعايانا الرُّوميّة المَلَكيّة الكاثوليكيّة، وندعوهم لكي يسمعوا نداء يسوع وبولس ورعاتهم وآبائهم الرُّوحيِّين. طالبين إليهم أن يكونوا كرماء في الخدمة والتَّطوُّع إلى جانب الكاهن وتحت إرشاده وتوجيهاته.
ونقول لهم: يسوع بحاجة إليكم... بولس يدعوكم كما كان يدعو المؤمنين في الجماعات المسيحيّة الأولى. رعاتكم بحاجة إليكم. كنيستكم تدعوكم، أساقفتكم بحاجة إليكم، البطريرك بحاجة إليكم.
نحن اليوم بأمسِّ الحاجة إلى معاونين من العلمانيِّين، مؤمنين أمناء غَيورين مِقدامين نشطاء أقوياء ذوي كفاءاتٍ عالية. رجال أعمال، رجال سياسة، اساتذة جامعيِّين. أناسًا ذوي نفوذٍ في المجتمع، ذوي فطنة وحنكة وحكمة... مضحِّين، متجرِّدين عن المصالح الدُّنيويّة والطَّمع والمكسب، مستعدِّين أن يكونوا كما يقول صاحب المزامير: "كسهامٍ بيد جبَّار!" (مزمور 127: 4).
نحن الرُّعاة بحاجة إليكم أيُّها العلمانيُّون المؤمنون... أنتم رسلنا ورسل يسوع إلى العالم. أنتم تفعِّلون الرَّعيّة معنا... أنتم تحملون تعاليم يسوع وبولس والرُّسل والقدِّيسين والرُّهبان، وتعاليمنا وتوجيهاتنا ومواعظنا إلى العالم... إلى مجتمعكم... إلى رفاق عملكم ومهنتكم ووظيفتكم، وإلى أخيكم المواطن من دينكم، ومن غير دينكم، إلى الملحد والمستهتر والبعيد عن الكنيسة والإنجيل، وعن الرَّبّ، وعن تعاليم الكنيسة...
يقول بولس: "نحن سفراء المسيح". ونقول لكم أنتم سفراء المسيح، وسفراؤنا كخدَّام المسيح... أنتم مؤتمنون على الرِّسالة، وعلى حمل بشرى الإنجيل إلى عالمكم!
وأنا أكتب هذه الرِّسالة وردَت إلى ذاكرتي قصَّة في حصار دير القدِّيس بندكتوس الكبير في كاسينو (جنوب إيطاليا) إبَّان الحرب العالميّة الكبرى الثَّانية. لقد كان الحصار شديدًا والمقاومة شرسة. ولم يستطع الحلفاء أن يكسروها. ودمّروا الدير بكامله. وعلَّق الكاتب على هذه المعركة الشَّرسة قائلاً: "إنَّ المعارك الكبرى يربحها الجنود الصِّغار".
ونحن اليوم بحاجة إلى كلّ مسيحي مؤمن مقتنع متحمِّس... مندفع غَيور... العالم بحاجة إلى أبناء الإيمان...
وأذكر أيضًا قصَّة أخرى. في التِّسعينات كنتُ أشاركُ في مؤتمر الكاثوليك الألمان في درسدن التي تهدَّمت أثناء الحرب العالميّة الثَّانية. وقد أُقيم احتفالٌ كبير على ضفاف نهر الإلب حتَّى ساعةٍ متأخِّرة من اللَّيل. وانتهت الحفلة وكنتُ متوجِّهًا وحدي سعيدًا إلى النَّزل مقرِّي. وإذا بي ألتقي بمجموعةٍ من الشَّباب والصَّبايا جالسين على الأرض يُغنُّون ويُنشدون بأعلى صوتهم يُرافقهم العود، ويقولون في الأنشودة: "إنَّ رسالة يسوع تحتاج إلى تحمُّسٍ واندفاع!".
نحن بحاجة إلى الشَّباب، وإلى من هم في شبابٍ دائم في محبَّتهم للمسيح وغَيرتهم على نشر تعاليمه المقدَّسة، وإظهار محبَّته للبشر.

 

ستكونون لي شهودًا!
يسوع يسلِّمنا رسالته! وبولس يدعونا اليوم في ختام احتفاليّة يوبيل ميلاده الألفي الثَّاني، كما دعا المجموعة الكبيرة من المعاونين لكي تتابع رسالة يسوع القائم من بين الأموات. ويسوع يدعونا ويوكل إلينا الرِّسالة عينها التي أوكلها إلى بولس على طريق دمشق، آمرًا حنانيا أوَّل أسقف لدمشق أن يُعمِّد شاول المضَّطهد لأنَّه سيتحوَّل إلى بولس ويُصبح: "هذا الرَّجل أداةً اخترتها لكي يحمل اسمي إلى الوثنيِّين والملوك... وأنِّي سأُريه ما يجب أن يُعاني من الألم في سبيل اسمي" (أعمال الرُّسل 9: 15-16).
ونستودعكم أيُّها الأحبَّاء كما استودع بولس معاونيه والجماعة المسيحيّة الأولى... لا بل يودعكم رسائله كما أودعها في قلوب ونفوس وضمائر الجماعة المسيحيّة الأولى، لكي تبقى تعاليمه في قلوبنا. وهو يخاطبنا كما خاطب مؤمني كورنثُس قائلاً لهم: "أنتم رسالتنا! مكتوبة في قلوبنا. يعرفها ويقرؤها جميع النَّاس. أجل إنَّه لبيِّن أنَّكم رسالةٌ للمسيح. قد أنشأناها نحن، وكتبت لا بمدادٍ، بل بروح الله الحيّ. لا في ألواحٍ من حجر، بل في ألواحٍ من لحم في قلوبكم" (2كورنثُس 3: 2-3).
ومع بولس ندعوكم في ختام عام بولس الرَّسول، وفي ختام رسائلنا الرُّوحيّة التي اكتشفنا من خلالها لاهوت بولس الرَّسول الذي كان قلبه مثل قلب المسيح، كما قال يوحنَّا فم الذَّهب، ونقول لكم: "وسلام الله الذي يفوق كلَّ فهمٍ، يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع. وبعدُ أيُّها الإخوة، فكلُّ ما هو حقّ وكرامة، وعدلٌ ونقاوة، ولطفٌ وشرف، وكلُّ ما هو فضيلةٌ وكلُّ ما يمتدح، كلُّ هذا فليكن محطَّ أفكاركم. وما تعلَّمتموه وتسلَّمتموه وسمعتموه منِّي، ورأيتموه فيَّ، فليكن دأبكم. وعندئذٍ إله السَّلام يكون معكم" (فيلبِّي 4: 7-19). "سلِّموا بعضكم على بعضٍ بقبلةٍ مقدَّسة. يُسلِّمُ عليكم جميع القدِّيسين. نعمة ربِّنا يسوع المسيح، ومحبَّةُ الله الآب، وشركة الرُّوح القدس معكم أجمعين" (2كورنثُس 13: 12-13).
"السَّلام بخطِّ يدي، أنا بولس! إن كان أحدٌ لا يُحبُّ الرَّبّ فليكن مبسلاً. ماراناثا! نعمة الرَّبِّ يسوع المسيح معكم! محبَّتي معكم أجمعين في المسيح يسوع" (1كورنثُس 16: 21-24).

 

مع محبَّتي وبرَكَتي
 

1. هذا الأخ: قد يكون لوقا الرَّسول.

2. راجع مواعظ البابا بندكتوس السادس عشر حول بولس ومعاونيه (2006-2007)

 

+ غريغوريوس الثّالث
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والاسكندريّة وأورشليم
للرُّوم الملَكيِّين الكاثوليك